فصل: في المديان يموت فيهب رب الدين دينه لبعض ورثة المديان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الرجل يتصدق على ابنه الصغير بالصدقة ثم يشتريها من نفسه

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتصدق بالجارية على ابنه وهو صغير فيتبعها نفسه أيكون له أن يشتريها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم يقومها على نفسه ويشهد ويستقصي للابن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أجنبيا تصدق على أجنبي بصدقة أيجوز له أن يأكل من ثمرتها أو يركبها ان كانت دابة أو ينتفع بشيء منها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان الأب‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا احتاج وقد وصفت لك ذلك‏.‏

قلت‏:‏ والام تكون بمنزلة الاب‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي ولم أسمعه من مالك لأنهما إذا احتاجا أنفق عليهما ‏(‏سحنون‏)‏ عن بن وهب عن جرير بن حازم عن أيوب عن محمد بن سيرين أن رجلا تصدق على ابنه بغلام ثم احتاج الرجل إلى أن يصيب من غلة الغلام شيئا فسئل عمران بن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ما أكل من غلته فليس له فيه أجر‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال عبد الله بن مسعود دعوا الصدقة والعتاقة ليومهما وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة في الفرس التي تصدق بها على المساكين فأقاموها للبيع وكانت تعجب زيدا فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتريها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله فأضاعه صاحبه وأضربه وعرضه للبيع فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أنه يبيعه برخص أفأشتريه فقال لا وان أعطاكه بدرهم ان الذي يعود في صدقته كالكلب يعود في قيئه وقال مالك لا يشتري الرجل صدقته لا من الذي تصدق بها عليه ولا من غيره‏.‏

في الرجل يتصدق بالصدقة على الرجل فيجعلها على يدي رجل فيريد المتصدق عليه أن يقبضها

قلت‏:‏ أرأيت ان تصدقت على رجل بدراهم والرجل الذي تصدقت بها عليه مرضي في نفسه ليس بسفيه ولا محجور عليه فتصدقت عليه بدراهم وجعلتها على يدي رجل وهو مليء حاضر معي حيث تصدقت فجعلتها على يدي من أعلمتك والمتصدق عليه يعلم بذلك فلم يقم على صدقته حتى مت أنا أيكون له أن يقبضها بعد موتي أم قد صارت لورثتي لأنه لم يحز صدقته‏؟‏

قال‏:‏ إذا لم يشترط المتصدق على الذي جعلها على يديه أن لا يدفعها إلى المتصدق عليه إلا بإذنه فللمتصدق عليه أن يقبض صدقته بعد موت المتصدق لأن المتصدق عليه لو شاء أخذ صدقته وإنما تركها في يدي رجل قد حازها له ولو أراد المتصدق أن يأخذها بعد ما تصدق بها وجعلها على يدي هذا الذي حازها للمتصدق عليه لم يكن لرب الصدقة أن يأخذها ان لم يشترط على الذي جعلها على يديه أن لا يدفعها إلا بإذنه فإن كان اشترط ما أخبرتك فلا صدقة له‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سئل مالك عن الرجل يدفع إلى الرجل الدنانير يفرقها في سبيل الله أو يدفعها إلى المساكين والدافع صحيح سوي فلا يقسمها الذي يعطاها حتى يموت الذي أعطاها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان أشهد حين دفعها إلى من أمره بتفرقتها فقد جازت وهي من رأس المال فهذا يدلك على مسألتك قال ابن القاسم وان كان لم يشهد حين دفعها إليه وأمره بتفرقتها فما بقي منها يوم يموت المعطي رده إلى الورثة ولا ينفعه فيها ما أمره بها فإن فعل ضمن لأنها قد صارت للورثة ومن ذلك أيضا أن الرجل يحبس الحبس فيجعله على يد رجل وان كان الذين حبس عليهم كبارا فيجوز ذلك ألا ترى أن أحباس من مضي عمر وغيره إنما كانت في يدي من جعلوها على يديه يجرون غلتها فيما أمروا بها فكانت جائزة وكانت مقبوضة قال ابن القاسم قلت لمالك فما يشتري الناس في حجهم من الهدايا لاهليهم مثل الثياب كسوة لأهله ثم يموت قبل أن يصل إلى بلده‏؟‏

قال‏:‏ ان كان أشهد على شيء من ذلك رأيته لمن اشتراه له وان لم يشهد فهو ميراث‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فالرجل يبعث بالهدية أو بالصلة إلى الرجل وهو غائب فيموت الذي بعث بها أو الذي بعثت إليه قبل أن تصل إلى المبعوث إليه‏؟‏

قال‏:‏ ان كان أشهد على ذلك حين بعث بها على انفاذها فمات الباعث بها فهي للذي بعثت إليه وان مات الذي بعثت إليه بعد ما أنفذها وأشهد عليها فهي لولد المبعوث بها إليه وإن لم يكن أشهد عليها الباعث حين بعثها فأيهما مات قبل أن تصل فهي ترجع إلى الباعث أو ورثته‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في الرجل يرسل إلى صاحبه بألف دينار يتصدق بها عليه وأشهد عليها فألفاه رسوله قد مات وقد كان حيا يوم تصدق بها عليه فطلبها ورثته وقال المتصدق إنما أردت بها صلته‏؟‏

قال‏:‏ ان كان تصدق بها وأشهد على صدقته والمتصدق عليه يومئذ حي ثم توفي قبل أن تبلغه الصدقة فقد ثبتت للذي تصدق بها عليه وليس للذي تصدق بها فيها رجوع وقد انبتت منه‏.‏

في الدعوى في الرجل يتصدق على الرجل بالحائط وفيه ثمرة قد طابت

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يتصدق على الرجل بالحائط وفيه ثمرة قد طابت فقال المتصدق إنما تصدقت عليه بالحائط دون الثمرة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول رب الحائط من حين تؤبر الثمرة‏.‏

قلت‏:‏ فهل يحلف‏؟‏

قال‏:‏ لا وما سمعت من مالك فيه شيئا قال ابن القاسم وسألت مالكا عن الرجل يهب النخل للرجل وفيها ثمر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان كانت الثمرة لم تؤبر فهي للموهوب له وان كانت قد أبرت رأيت القول فيها قول الواهب فإن قال إنما وهبت النخل وحدها واحتبست الثمرة فذلك له وهو مصدق‏.‏

قلت‏:‏ فكيف يكون وجه الحيازة المعروفة التي إذا حاز النخل فهي حيازة وإن كان ربها يسقيها لمكان ثمرته‏؟‏

قال‏:‏ ان كان خلي بين الموهوب له وبينها ليسقيها فإن حيازة الموهوب له النخل حيازة ولم أسمع من مالك يحد في هذه المسألة في الحيازة شيئا‏.‏

في الرجل يهب النخل للرجل ويشترط ثمرتها لنفسه سنين

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا وهب نخلا لرجل واشترط لنفسه ثمرتها عشر سنين أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ان كان أسلم النخل للموهوب له ليسقيها بماء نفسه وللواهب ثمرتها فإن هذا لا يصلح لأنه كأنه قال له اسقها إلى عشر سنين ثم هي لك وهو لا يدري أتسلم النخل إلى ذلك الوقت أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل الفرس يغزو عليه سنتين أو ثلاثا وينفق عليه المدفوع إليه الفرس من عند نفسه ثم هو للمدفوع إليه بعد الأجل ويشترط عليه أن لا يبيعه قبل الأجل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا خير فيه وكرهه وبلغني عنه أنه قال أرأيت ان مات الفرس قبل السنتين أتذهب نفقته باطلا قال لي مالك فهذا غرر لا خير فيه فهذا يدلك على مسألتك في النخل قال ابن القاسم وان كانت النخل في يد الواهب يسقيها ويقوم عليها ولم يخرجها من يده فإنما هذا رجل وهب نخلة بعد عشر سنين فذلك جائز للموهوب له ان سلمت النخل إلى ذلك الاجل ولم يمت ربها ولم يلحقه دين فله أن يقوم عليها فيأخذها وان مات ربها أو لحقه دين فلا حق له فيها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب في رجل أتى قوما فأعطوه إلى العطاء وكتبوا له ودفعوا إليه الكتاب فبلغ ما أعطي فنزع رجال قال ابن شهاب قضى عمر بن عبد العزيز أن الصدقة جائزة وليس لصاحبها أن يرجع فيها وقد قال أشهب في الفرس أن شرطه ليس مما يبطل عطيته له ألا ترى لو أن رجلا قال لرجل خذ هذه الفرس عارية لك سنين تركبه ثم هو لفلان بعدك بتلا فيترك المعار عاريته لصاحب البتل ان حقه يجب ويصير الفرس له فهو إذا جعله عارية له ثم صيره إليه سقطت العارية ووجبت الرقبة له ولم يكن فيها خطر‏.‏

في صدقة البكر

قلت‏:‏ أرأيت الجارية التي قد تزوجت ولم يدخل بها زوجها أتجوز لها صدقتها أو عتقها في ثلثها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجوز لها شيء حتى يدخل بها زوجها فإذا دخل بها زوجها جاز لها ذلك إذا علم منها صلاح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن دخل بها زوجها هل يوقت لها مالك وقتا في ذلك يجوز إليه صنيعها في ثلثها‏؟‏

قال‏:‏ لا إنما وقتها دخوله بها إذا كانت مصلحة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إنما قال لنا مالك إذا دخل بها وعرف من صلاحها قال ابن وهب وأخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب‏؟‏ قال لا تجوز لامرأة موهبة لزوجها ولا لغيره حتى تعلم ما ينقصها وما يزيدها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن يحي بن سعيد أنه سئل عن المرأة تعطي زوجها أو تتصدق عليه ولم تمر بها سنة أو تعتق قال يحيى بن سعيد ان كانت المرأة ليست بسفيهة ولا ضعيفة العقل فإن ذلك يجوز لها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد قال قال ربيعة وكل امرأة أعطت وهي في سترها فهي بالخيار إذا برزت فإن أقامت على التسليم والرضا لما أعطت بعد أن يبرز وجهها فعطاؤها جائز وإن أنكرت رد عليها ما أعطت‏.‏

كتاب الهبة

في الرجل يهب الهبة من مال ابنه الصغير

قلت‏:‏ أرأيت من وهب من ماله بن له شيئا والابن صغير أيجوز هذا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز ذلك في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن تلفت الهبة أيكون الأب ضامنا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يهب للرجل نصف دار له أو نصف عبد له

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تصدق على رجل بنصف دار له بينه وبين رجل أو وهب له نصف داره غير مقسومة أتجوز هذه الهبة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الهبة جائزة وإن لم تكن مقسومة‏.‏

قلت‏:‏ فكيف يقبض هذا هبته أو صدقته‏؟‏

قال‏:‏ يحل محل الواهب يجوز ويمنع مع شركائه ويكون هذا قبضه‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك هذا فيما لا ينقسم في العبد إذا وهب نصفه لرجل فهو جائز في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويكون قبضه مثل ما ذكرت في الدار‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا حاز ما وهب له دون صاحبه فقد قبض‏.‏

في الرجل يهب للرجل دهنا مسمى من جلجلان بعينه

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل عشرة أقساط من دهن جلجلاني هذا‏؟‏

قال‏:‏ الهبة جائزة لأن مالكا قال يجوز أن يهب الرجل للرجل ثمرة نخله قابلا قال ذلك جائز فهذا الذي ذكرت من دهن الجلجلان أحرى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال رب الجلجلان لا أعصره‏؟‏

قال‏:‏ يلزمه عصره ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال أنا أعطيك من غيره زيتا مثل زيتة بمكيلته‏؟‏

قال‏:‏ لا يعجبني ذلك لأني أخاف أن يدخله طعام بطعام مستأخر ولعل ذلك الجلجلان الذي وهب له من زيته يتلف قبل أن يعصره فيكون قد أعطاه زيته باطلا فلا يعجبني إلا أن يكون من زيت ذلك الجلجلان الذي وهب له من زيته وقال ربيعة في رجل قال اشهدوا أن لفلان في مالي صدقة مائة دينار ثم بدا له فرجع فيها بعد يومين فخاصمه الذي تصدق عليه قال ربيعة يؤخذ بذلك إن كان في ماله محمل لذلك أنفذ عليه وان لم يدرك ذلك في ماله أبطل ولم ينزله منزلة الدين‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل أتى قوما فأعطوه إلى العطاء وكتبوا له ودفعوا الكتاب إليه فبلغ ما أعطي فنزع رجال فقال ابن شهاب قضى عمر بن عبد العزيز أن الصدقة جائزة ليس لصاحبها أن يرجع فيها‏.‏

بن لهيعة‏:‏ عن عبيد الله بن أبي جعفر أن حميد بن أبي الصعبة تصدق على ابنه بداره ثم أراد أن يرتجعها فخاصمه إلى بعض قضاة مصر فأبى أن يجيز له ارتجاعه بعد أن تصدق‏.‏

في الرجل يهب للرجل مورثه من رجل لا يدري كم هو

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل مورثي من رجل ولا أدري كم هو مورثي من ذلك الرجل سدسا أو ربعا أو خمسا أتجوز الهبة‏؟‏

قال‏:‏ من قول مالك أن ذلك جائز‏.‏

في الرجل يهب للرجل نصيبه من دارا وجدار لا يدري كم هو

قلت‏:‏ أرأيت إن وهبت لرجل نصيبي من هذه الدار ولا أدري كم هو أيجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هذا والاول سواء أراه جائزا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت نصيبا لي من جدار أيجوز أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز‏.‏

في الرجل يهب للرجل نصيبا له من دار ولا يسميه له

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل نصيبا من داري ولم أسمه ثم قام الموهوب له‏؟‏

قال‏:‏ يقال للواهب أقر له بما شئت مما يكون نصيبا ولم أسمعه من مالك‏.‏

في الرجل يهب للرجل الزرع والثمر الذي لم يبد صلاحه

قلت‏:‏ أرأيت هبة ما لم يبد صلاحه من الزرع والثمر هل يجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا لم يكن للثواب‏.‏

في المديان يموت فيهب رب الدين دينه لبعض ورثة المديان

قلت‏:‏ أرأيت لو كان لي على رجل دين فمات الرجل الذي لي عليه الدين فوهبت ديني لبعض ورثته أيكون ما وهبت له جائزا ويكون ذلك له دون جميع الورثة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يهب للرجل الهبة فيموت الموهوب له قبل أن يقبض

قلت‏:‏ أرأيت إذا وهب رجل لعبدي هبة فمات العبد أيكون لي أن أقوم على الهبة فآخذها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لك أن تقوم عليها فتأخذها لأن مالكا قال كل من وهب هبة لرجل فمات الموهوب له قبل أن يقبض فورثته مكانه يقبضون هبته وليس للواهب أن يمتنع من ذلك وكذلك سيد العبد عندي‏.‏

في الرجل يهب للرجل عبده المديان أو الجاني

قلت‏:‏ أرأيت عبدا لي مأذونا له في التجارة اغترفه الدين فوهبته لرجل أتجوز هبتي فيه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هبتك جائزة وبيعك إياه جائز في قول مالك إذا بينت أن عليه دينا حين تبيعه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان جني عبدي جناية أو أفسد مالا لرجل فوهبته أو بعته أو تصدقت به أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى أن يجوز إلا أن يشاء سيده أن يحتمل الجناية فإن أبي أحلف بالله ما أراد أن يحتمل الجناية فإن حلف رد وكانت الجناية أولى به في رقبته ‏(‏سحنون‏)‏ وهذا إذا كانت هبته أو بيعه بعد علمه بالجناية فلذلك أحلف‏.‏

في الرجل يبيع عبده بيعا فاسدا ثم يهبه البائع لرجل آخر

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا باع عبدا له من رجل بيعا فاسدا ثم وهبه البائع لرجل أجنبي أيجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ان وهبه بعد البيع بيوم أو يومين قبل أن تحول أسواقه وقام الموهوب له على قبض هبته ورد البائع الثمن فذلك جائز ويجبر البائع على رد الثمن ويقال للموهوب له خذ هبتك وإن كانت أسواقه قد تغيرت لم تجز الهبة فيه لأنه قد صار للمشتري ولزمت المشتري فيه القيمة لأن مالكا جعل البيع بينهما فيه مفسوخا ما لم يتغير فالبيع الفاسد إذا فسخ فإنما يرجع العبد إلى البائع على المالك الأول فالهبة فيه جائزة لأنه ملك واحد‏؟‏

قال‏:‏ ولو أن البائع أعتق العبد قبل أن تتغير أسواقه بنماء أو نقصان جاز عتقه في العبد إذا رد الثمن لأن البيع بينهما مفسوخ قبل أن تحول أسواقه أو يتغير بنماء أو نقصان إلا أن يموت البائع قبل أن تحول أسواق العبد أو يتغير ولم يقم الموهوب له على قبضه فلا يكون له شيء بمنزلة من تصدق بصدقة فلم تقبض منه حتى مات المتصدق‏.‏

في الرجل يرهن عبده ثم يهبه لرجل

قلت‏:‏ أرأيت ان رهنت عبدا لي ثم وهبته لرجل أتجوز الهبة فيه أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ الهبة جائزة إن افتككته لأن الموهوب له متى ما قام على هبته فله أن يأخذها ما لم يمت الواهب فهو إذا افتكها كان للموهوب له أن يأخذها فإن قام على هبته قبل أن يفتكها أجبر الواهب على افتكاكها ان كان له مال وقبضها الموهوب له‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له ان مات الواهب‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له‏.‏

قلت‏:‏ لم وقد قال مالك في العبد المخدم ان قبضه قبض للموهوب له‏؟‏

قال‏:‏ لأن المخدم لم يجب له في رقبة العبد حق والمرتهن إنما حقه في رقبة العبد فلا يكون قبض المرتهن قبضا للموهوب له وقد وافقه أشهب في كل ما قال من أمر قبض المرتهن وقبض المخدم‏.‏

في الرجل يغتصب عبده ثم يهبه لرجل وهو عند الغاصب

قلت‏:‏ أرأيت ان غصبني رجل عبدا فوهبته لرجل آخر والعبد مغصوب أتجوز الهبة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ان قبضها الموهوب له قبل أن يموت الواهب‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكون قبض الغاصب قبضا للموهوب له‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون ذلك قبضا قال سحنون وقال غيره هو قبض مثل الدين‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم لم والهبة ليست في يد الواهب‏؟‏

قال‏:‏ لان الغاصب لم يقبض للموهوب له ولم يأمره الواهب أن يحوزها للموهوب له فيجوز إذا كان غائبا فإن كان الموهوب له حاضرا غير سفيه وأمر الواهب رجلا يقبض ذلك له ويجوز له لم يجز هذا فالغاصب ليس بحائز لهذا فهذا يدلك على ما فسرت لك ألا ترى لو أن رجلا استخلف على دار له خليفة ثم تصدق بها على رجل آخر وهي في يد الخليفة ان قبض الخليفة ليس بحيازة للموهوب له ولا للمتصدق عليه‏.‏

في المسلم يهب للذمي الهبة أو الذمي للمسلم أو الذمي للذمي

قلت‏:‏ أرأيت إذا وهب المسلم للمشرك هبة أهما بمنزلة المسلمين في الهبة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وهب ذمي لمسلم هبة فأراد المسلم أن يقبضها فأبى الذمي أن يدفعها إليه أيقضي له على الذمي بالدفع أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا كان بين المسلم والذمي أمر حكم عليهما بحكم أهل الإسلام فأرى أن يحكم بينهما بحكم أهل الإسلام ويقضي عليه بالدفع وقال غيره إذا كان من أهل العنوة لم يجبر على إتلاف ماله وإن كان من أهل الصلح وكان موسرا لا يضر ذلك به في جزيته حكم عليه بالدفع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وهب ذمي لذمي هبة فأبى أن يدفعها إليه أيقضي بينهما في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يقضي بينهما‏.‏

قلت‏:‏ لم ذلك أليس قد قال مالك إذا تظالموا بينهم حكمت بينهم‏؟‏

قال‏:‏ إنما ذلك أن يأخذ ماله فأما الهبة فليست بمنزلة أخذ ماله ألا ترى أن مالكا‏؟‏ قال لا أحكم بينهم إذا أعتق أحدهم نصيبه من عبد بينه وبين آخر فكذلك الهبة عندي‏.‏

في الرجل يهب للرجل صوفا على ظهور الغنم أو اللبن في الضروع أو الثمر في رؤوس النخل

قلت‏:‏ أرأيت إن وهبت لرجل صوفا على ظهور غنمي أيجوز أم لبنا في ضروعها أيجوز أو ثمرا في رؤس النخل أيجوز‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك جائز كله في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يكون قبضه اللبن في الضروع أو الصوف على الظهور أو الثمر في رؤس النخل‏؟‏

قال‏:‏ ان حاز الماشية ليجز أصوافها أو ليحلبها أو حاز النخل حتى يصرمها فهذا قبض‏.‏

قلت‏:‏ وعلى ما قلته من قول مالك لم جعلته قبضا وهو لم يبن بما وهب له ولم يتخلصه من مال الواهب‏؟‏

قال‏:‏ قلته على المرتهن من قول مالك أن الرجل إذا ارتهن الثمرة في رؤس النخل فحاز الحائط ان ذلك قبض كذلك قال مالك والرهن في قول مالك لا يكون إلا مقبوضا فكذلك الهبة والصدقة بهذه المنزلة‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يرتهن الزرع قبل أن يبدو صلاحه إن ذلك جائز إذا قبض وقبضه أن تسلم إليه الأرض فإذا حاز الارض التي فيها الزرع فقد قبض فعلى هذا قلت لك مسئلتك وأما قولك في الهبة لم يتخلصها من الواهب فهذا مما لا يضره ألا ترى أنه قد قبض هبته وقبض معها مالا هو للواهب فإنما يؤمر أن يتخلص هبته ويرد مال الواهب إلى الواهب‏؟‏

قال‏:‏ وأما اللبن فإن من قول مالك ان الرجل إذا منح الرجل لبن غنمه شهرا أو أكثر من ذلك فقبض الغنم ان قبضه للغنم حيازة لها ألا ترى أيضا لو أنه أخدمه عبده شهرا فقبض الغلام فهو قابض للخدمة وكذلك لو أسكنه داره سنة فقبض الدار فقبضه الدار قبض للسكنى‏.‏

في الرجل يهب للرجل ما في بطون غنمه أو جاريته

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل ما في بطون غنمي أو ما في بطن جاريتي أتجوز هذه الهبة‏؟‏

قال‏:‏ هي جائزة في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فكيف يكون قبضه‏؟‏

قال‏:‏ ان حاز الجارية وأمكنه منها حتى تلد فيأخذ ولدها وأمكنه من الغنم حتى تضع فيأخذه أولادها فهذه حيازة وقبض مثل النخل إذا وهب ثمرتها قبل أن يبدو صلاحها فحاز الموهوب له الحائط حتى يجد ثمرته وكان يسقيه ويقوم عليه أو وهب له زرعا لم يبد صلاحه فحاز الزرع وكان يسقيه ويقوم عليه حتى يرفع زرعه فهذا قبض وكذلك ما سألت عنه مما في بطن الجارية وما في بطون الحيوان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي وهب الثمرة في رؤس النخل والزرع قبل أن يبدو صلاحه لو أراد أن يمنع من النخل ويمنع من الأرض التي فيها الزرع‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له وله أن يحوز الثمرة والسقي على الموهوب له والزرع بهذه المنزلة يسقي ويقوم على زرعه وليس له أن يحول بينك وبين ذلك ويكون هذا قبضا‏.‏

قلت‏:‏ فالغنم والجارية أيكون له أن يحول بيني وبين ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهب لرجل ما تلد جاريته عشر سنين أتجوز هذه الهبة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكني سمعت مالكا يقول في الذي يهب ثمرة نخلة لرجل عشرين سنة أو أقل أو أكثر ان ذلك جائز إذا حاز الموهوب له النخل أو جعلت له على يدي من يحوز له فالجارية إن كان قد قبضها أو حازها أو جعلت له على يد من حازها له فذلك جائز مثل النخل وان لم يحزها حتى يموت ربها أو تحاز له فالهبة باطل‏.‏

قلت‏:‏ فالهبة في هذا والصدقة والحبس والنحل سواء أي ذلك كان فهو جائز‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا قبض فهو جائز‏.‏

في الرجل يهب للرجل الجارية ويشهد له بالقبض ولم يعاين الشهود القبض فيموت وفي يديه الجارية

قلت‏:‏ أرأيت لو أني وهبت جاريتي لرجل وأشهدت له أنه قد قبضها مني ولم يعاين الشهود القبض ثم مت والجارية في يدي فأنكر الورثة أن يكون الموهوب له قبض الجارية‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن الرجل يتصدق على ولد له كبار بعبد وكتب لهم كتابا وكتب في كتابه أنه قد دفعه إليهم وقبضوه وكان الولد كبارا قد بلغوا الحيازة ومثلهم يحوز فهلك الاب وقد كانت صدقته في صحته فلما هلك الاب قال بقية ورثة الاب لم تقبضوا وقال المتصدق عليهم قد قبضنا واحتجوا عليهم بشهادة الشهود واقرار المتصدق بالذي في الكتاب فسئل الشهود أعلمتم أنهم قد حازوا فقالوا لا علم لنا إلا ما في هذا الكتاب من الاقرار ولا ندري أحازوا أو لم يحوزوا‏.‏

فقال‏:‏ لي مالك إن لم تكن لهم بينة أنهم قد حازوا في صحة منه فهي موروثة على فرائض الله فكذلك مسألتك‏.‏

في الرجل يهب لابنه الصغير ولرجل أجنبي عبدا له ويشهد لهما بذلك فلم يقبض الاجنبي حتى مات الواهب

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لابني وهو صغير ولرجل أجنبي عبدا لي وأشهدت لهما بذلك فلم يقبض الاجنبي الهبة حتى مت أيجوز نصف العبد لابني أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في رجل حبس على ولده حبسا وأشهد لهم بذلك وهم صغار وكبار فلم يقبض الكبار الحبس حتى مات الاب قال مالك الحبس باطل ولا يجوز للكبار ولا للصغار لان الكبار لم يقبضوا الحبس وقال مالك لا نعرف انفاذ الحبس للصغار ها هنا إلا بحيازة الكبار فكذلك الهبة وليس هذا عنده مثله إذا حبس عليهم وهم صغار كلهم فإن هذا جائز لهم إذا مات فالحبس لهم جائز ‏(‏وقال‏)‏ بن نافع وعلي بن زياد عن مالك أنه إذا تصدق على بن له صغير أو كبير أو أجنبي فنصيب الصغير جائز ونصيب الكبير غير جائز وإذا حبس فالحبس باطل من قبل أن الصدقة تقسم إذا كانت لهم وتصير مالا من أموالهم فمن هنالك تم للصغير ما يصير له لأنه قد قبض عليه من هو له جائز القبض وان الحبس لو أسلم إلى من يقبضه لهم أو أسلم إلى الكبير لم تجز فيه المقاسمة وإنما يبقى في أيديهما ينتفعان به فمن هنالك لم يتم قبض الاب للصغير لانه مما لا يقسم ولا يجزأ أو يكون ذلك داعية إلى أن يحبس الرجل الحبس على البالغ فيكون في يديه حتى يموت ثم ينفذ من رأس المال ولا يكون إبقاء الحبس ولا قبضه إذا كان من حبس عليه يقبض لنفسه وهو مما ليس من سنته أن يقسم ويجزأ فيصير مالا لهم يتوارثونه ويباع إلا بأن يخرج من يد الذي حبسه ويقبض منه ويبين‏.‏

في الرجل يهب الارض للرجل

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل أرضا كيف يكون القبض في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ الحيازة إذا حازها فقد قبضها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن تصدقت عليه بأرض لي بافريقية وأنا وهو بالفسطاط فقال اشهدوا أني قد قبلت وقبضت أيكون هذا قبضا في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون قبضا إلا بالحيازة وقوله قد قبضت وهو بالفسطاط لا يكون هذا قبضا لاني سألت مالكا عن الحبس يحبسه الرجل ويكتب في حبسه قد قبضوا ذلك ويشهد الشهود على الكتاب وعلى قوله فيهلك صاحب الحبس فيسئل الشهود هل قبضوا فقالوا إنما شهدنا على اقراره ولا ندري هل قبضوا أو لم يقبضوا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا ينفعهم ما يشهد به الشهود حتى يقيموا البينة على أنهم قد قبضوا وحازوا‏.‏

في الرجل يهب للرجل الدين له عليه أو على غيره

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل دينا لي عليه كيف يكون قبضه‏؟‏

قال‏:‏ إذا قال قد قبلت فذلك جائز له وهذا قبض لأن الدين عليه وهذا قول مالك وإذا قبل سقط‏.‏

قلت‏:‏ فإن وهبت لرجل دينا لي على رجل آخر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أشهد له وجمع بينه وبين غريمه ودفع إليه ذكر الحق فهو قد قبض‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن كتب عليه ذكر حق كيف يصنع‏؟‏

قال‏:‏ إذا أشهد له وأحاله عليه فهذا قبض في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان الغريم غائبا فوهب لرجل ماله على غريمه وأشهد له بذلك ودفع إليه ذكر الحق وأحاله عليه أيكون هذا قبضا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الدين إذا كان على الرجل وهو بإفريقية وأنا بالفسطاط فوهبت ذلك الدين الذي لي بأفريقية لرجل معي بالفسطاط وأشهدت له وقبل أترى ذلك جائزا‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ لم أجزته في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لأن الديون هكذا تقبض وليس هو شيئا بعينه يقبض انما هو دين على رجل فقبضه أن يشهد له ويقبل الموهوب له الهبة‏.‏

في الرجل يؤاجر الرجل الدابة تكون له أو يعيره إياها ثم يهيها لغيره

قلت‏:‏ أرأيت ان آجرت دابتي من رجل ثم وهبتها لرجل آخر أو أعرتها لرجل ثم وهبتها لرجل آخر فقبضها هذا المستعير أو هذا المستأجر أيكون قبضه قبضا للموهوب له وهل تكون الهبة للموهوب له إذا انقضى الاجل أجل الاجارة وأجل العارية في قول مالك أم لا‏؟‏ وكيف ان مات الواهب قبل انقضاء الاجل أجل الاجارة وأجل العارية أيكون الموهوب له أحق بالهبة لأن قبض المستأجر والمستعير قبض له‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الرجل يخدم الرجل الجارية سنين ثم يقول بعد ذلك هي لفلان بعد خدمة فلان هبة بتلا وقد كان قبضها المخدم قال مالك قبض المخدم للخادم قبض للموهوب له وهي من رأس المال ان مات قبل ذلك وكذلك مسألتك في العارية وأما الاجارة فلا تكون قبضا إلا أن يكون أسلم الاجارة له معه فيكون ذلك قبضا والا فلا شيء له لأن الاجارة كأنها في يدي الواهب إلا أن تكون بحال ما وصفت لك وأرى أن كل من تصدق على رجل بأرض فكانت الارض حين تصدق بها تحاز بوجه من الوجوه من كراء تكراه أو حرث تحرثه أو غلق يغلق عليها ولم يفعله حتى مات وهو لو شاء أن يحوزها بشيء من هذه الوجوه حازها فلا شيء له وان كانت أرضا قفارا من الارض وليست تحاز بغلق ولا في كراء يكريه ولم يأت ابان زرع فيزرعها أو يمنحها بوجه من الوجوه معروف حتى مات الذي وهبها قبل أن يبلغ شيئا من ذلك فهي للذي وهبت له وهذا أحسن ما سمعت فيه وكل من وهب دارا حاضرة أو غائبة فلم يحزها الذي وهبت له أو تصدق بها عليه فلا حق له وان كان لم يفرط في قبضها لأن لهذه حيازة تحاز بها وكذلك قال عمر بن الخطاب فإن لم يحزها فهي مال الوارث وكذلك قال لي مالك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن الرجل يقول للرجل قد أعمرتك هذا العبد حياتك‏؟‏

قال‏:‏ بن شهاب تلك المنحة وهي مؤداة إلى من استثنى فيها قال ابن شهاب وان قال ثم هي لفلان بعدك فإنه ينفذ ما قال إذا كانت هبة للآخر قال ابن شهاب وإن قال ثم هو حر بعدك قال ينفذ ما قال ثم هو حر‏.‏

بن لهيعة‏:‏ عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أنه قال من قطع من ماله قطيعا فسماه لناس ثم إذا انقرضوا فهو لفلان جاز ذلك لا يباع ولا يملك حتى يصير إلى آخرهم كما سمى ولا ينكر هذا قال الليث سمعت يحيى بن سعيد يقول ان أعمر رجل رجلا عبدا وجعله من بعده حرا ثم عجل هذا الذي جعل له العبد عمره عتقه كان ولاؤه للذي أعتق أول مرة وإنما ترك له خدمته‏.‏

في الرجل يؤاجر الرجل دابته أو يعيره إياها ثم يهبها له وهما غائبان عن موضع العارية أو الوديعة

قلت‏:‏ أرأيت ان استودعني رجل ودائع أو آجر دورا أو دواب أو رقيقا أو أعارني ذلك وأنا وهو بأفريقية والشيء الذي أعارني واستودعني وآجرني بأفريقية ثم خرجنا أنا وهو إلى الفسطاط فوهب لي ذلك كله بالفسطاط فقبلت ذلك أيكون قولي قد قبلت ذلك قبضا لأن ذلك الشيء في يدي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم قبولك قبض لذلك كله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا استودعني وديعة ثم وهبها لي فلم أقل قد قبلت حتى مات الواهب‏؟‏

قال‏:‏ القول في هذا أن تكون الهبة لورثة الواهب لأنه لم يقبض هبته وقال أشهب ذلك قبض إذا كانت في يديه لأن كونها في يديه أحوز الحوز‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت النحل والعمري والعطية والهبة والصدقة والحبس بمنزلة واحدة في قول مالك في القبض‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا كله بمنزلة واحدة في قول مالك في القبض‏.‏

في الهبة للثواب يصاب بها العيب

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت هبة للثواب فأخذت العوض فأصاب الموهوب له بالهبة عيبا أله أن يرجع في عوضه ويرد الهبة‏؟‏

قال‏:‏ نعم لان الهبة على العوض بيع من البيوع يصنع فيها وفي العوض ما يصنع بالبيع‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم الهبة على العوض في قول مالك مثل البيوع محمل واحد إلا أن الهبة على العوض ان لم يثبه ولم تتغير الهبة بنماء ولا نقصان وكانت على حالها فللذي وهبها أن يأخذها إلا أن يثيبه ولا يلزم الذي قبلها الثواب على ما يحب أو يكره قال مالك ولو أثابه الموهوب له بما يعلم أنه ثمن لتلك الهبة أجبر الواهب علي أخذ ذلك على ما أحب أو كره قال مالك ولو أنابه بما يعلم أنه ليس ذلك للهبة بثمن ثم قام صاحب الهبة يطلبه بعد ذلك فإني أرى أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قبل ذلك إلا انتظارا لتمام ثواب الهبة فإذا حلف كان له أن يأخذ تمام الثواب من الموهوب له وإن أبى أن يحلف رد الهبة وأخذ عوضه ان كانت الهبة لم تتغير قال كذلك قال لي مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك والشفعة كذلك إذا وهب الرجل شقصا للثواب لم يكن للشفيع أن يأخذها أبدا ان كان وهبها للثواب حتى يثاب من هبته فإن أبى أن يثيبه أخذ الواهب داره ولم يكن فيها شفعة لاحد‏.‏

قلت‏:‏ فإن استحق العوض أيكون لي أن أرجع في هبتي‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يعوضك عوضا آخر يكون قيمة الهبة أو أكثر مكان العوض الذي استحق فليس لك أن ترجع في الهبة ان أعطاك عوضا مكان العوض الذي استحق‏.‏

قلت‏:‏ فإن عوضني منها عوضا ضعف قيمة الهبة ثم استحق العوض فأردت أن أرجع في هبتي فقال الموهوب له أنا أعطيك قيمة الهبة عوضا من هبتك وقلت لا أرضي إلا أن تعطيني قيمة العوض وقيمة العوض الذي استحق ضعف قيمة الهبة‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى لك إلا قيمة الهبة لأن الذي زادك أولا في عوضه على قيمة هبتك إنما كان ذلك معروفا منه تطاول به عليك فلما استحق لم يكن لك عليه إلا قيمة هبتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان تصدقت بصدقة للثواب أيبطل الثواب وتجوز الصدقة أو يجعلها مالك هبة‏؟‏

قال‏:‏ أجعلها هبة ان تصدق بها للثواب‏.‏

قلت‏:‏ فإن وهبت لرجل دينا لي على رجل فلم يقبضها الموهوب له حتي رجع الواهب في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا وهب دينه ذلك لغير الثواب فهو جائز وليس له أن يرجع في ذلك فإن كان وهبه للثواب فلا يجوز إلا يدا بيد لأن ذلك بيع ويدخله الدين بالدين‏.‏

في الرجل يهب لرجلين حاضر وغائب

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت أرضا لرجلين أجنبيين أحدهما حاضر والآخر غائب فقبض الحاضر جميع الارض أيكون قبض الحاضر قبضا للغائب ولم يستخلفه الغائب على القبض ولم يعلم الغائب بالهبة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم قبض الحاضر قبض للغائب علم أو لم يعلم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل هبة وهو غائب فأمرت رجلا أن يقبضها للغائب أيكون هذا قبضا للغائب‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من تصدق بصدقة على غائب فأخرجها فجعلها على يدي رجل لذلك الغائب فحازها هذا الذي جعلت على يديه لذلك الغائب المتصدق عليه فذلك جائز وحيازة هذا حيازة للمتصدق عليه فكذلك الهبة ‏(‏سحنون‏)‏ ويدلك على جواز ذلك وصحته ما مضى من أمر الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم في تجاوز الاحباس أن قابض الاحباس يجوز قبضه على الكبير الحاضر البالغ المالك لامره والطفل الصغير والغائب ومن لم يأت من ولد الولد ممن يحدث ويولد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبيد والحيوان والعروض والحلي كيف يكون قبضه‏؟‏

قال‏:‏ بالحيازة‏.‏

في حوز الهبة للطفل والكبير

قلت‏:‏ أرأيت الطفل الصغير إذا كان له والد أو وصي فوهب له رجل هبة بتلها له وجعلها على يدي رجل من الناس أيكون هذا حوزا للصبي ووالده حاضر أو وصية‏؟‏

قال‏:‏ نعم أراه حوزا له إذا كان إنما وضعه له إلى أن يبلغ وترضى حاله وأشهد له بذلك ويدفع ذلك إليه إذا بلغ‏.‏

قلت‏:‏ فما فرق ما بين الصغير إذا كان له والد وبين الكبير إذا وهب له هبة وجعلها الواهب على يدي هذا الرجل‏؟‏

قال‏:‏ خوفا من أن يأكلها الوالد أو يفسدها فيجوز ذلك إلى أن يبلغ الصغير فيقبضها وأما الكبير المرضي فعلى أي وجه حازها هذا له أو إلى أي أجل يدفع إليه إلا أن يكون على وجه الحبس تجري عليه غلتها فهذا فرق ما بينهما‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن الرجل يهب الهبة للرجل على أن لا يبيع ولا يهب قال مالك لا جوز هذه الهبة‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فالأب في ابنه إذا اشترط هذا الشرط‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا يجوز إلا أن يكون صغيرا أو سفيها فيشترط ذلك عليه ما دام الولد في تلك الحال فأما أن يشترط عليه أن لا يبيع ولا يهب إن كبر أو يشترط على السفيه أن لا يبيع وان حسنت حاله فإن ذلك لا يجوز وإنما يجوز شرطه إذا اشترطه ما دام سفيها أو صغيرا‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني بن وهب عمن حدثه عن بن عمر أنه سئل عن الرجل يهب الهبة للرجل على أن لا يبيعها ولا يهبها فكره ذلك بن عمر قال ابن وهب وأخبرني الليث أيضا أنه كرهها مع مالك إلا أن مالكا فسر لي التفسير الذي فسرت لك فهذا يدلك على أن الهبة للكبير إذا جعلها على يدي غيره وهو مرضي ولم يحبسها عنه لسوء حاله ولا لغلة أجراها عليه وحبس الأصل فهذا يدلك على أن حوز هذا الذي جعلت على يديه ليس بحوز له ألا ترى أن الصغير والسفيه لهما وقت يقبضان إليه الهبة وهو البلوغ في الصغير مع حسن الحال وحسن الحال في السفيه وإنما يراد من الصدقة أن تخرج من يد المعطي إلى يدي غيره فيكون الذي قد صارت إليه قابضا لها كما يقبض الحبس يقبض على من لم يأت ممن هو آت وأن هذا الرجل البالغ الذي قد أعطى عطية تكون له مالا تراثا منع من قبضها لغير شيء عقد فيها مما مثله يعقد في الصدقات يدل على أنه لم يرد أن يبتلها له ويعطيه إياها‏.‏

في حوز الأم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن الأم وهبت لولدها الصغار هبة وهم في حجرها وأشهدت لهم أهي في الحيازة مثل الأب في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تكون حائرة لهم إلا أن تكون وصية لهم فإن كانت وصية فذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت وصية للوالد أو وصية وصي الوالد فذلك جائز‏؟‏

قال‏:‏ نعم لان وصي الوصي بمنزلة الوصي وهو وصي عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فالام تكون حائزة صدقتها وهبتها على أولادها الصغار في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا إلا أن تكون وصية وقد أخبرتك بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الجارية إذا حاضت وليس لها والد ووهبت لها أمها هبة والام وصيتها وهي في حجر أمها أتكون الام حائزة لها هبتها أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الوصي‏؟‏

قال‏:‏ نعم وقال غيره ألا ترى أن أفعالها لا تجوز في هبتها وصدقتها حتى يبرز وجهها ويؤنس منها الرشد وهي فيما يقبض لها كغيرها ممن لا يجوز أمره على نفسه وقد قال عمر بن الخطاب وربيعة ويحيى بن سعيد في صدر هذا الكتاب ما قالوا‏.‏

في حوز الأب

قال‏:‏ وقال لي مالك في الأب أنه يحوز لابنته وان طمثت إذا تصدق هو عليها بصدقة فهو الحائز لها‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوجت فلم تقبض صدقتها حتى مات الأب أيبطل ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان كانت حسنت حالتها في بيت زوجها وجاز أمرها فلم تقبض حتى مات الأب فلا شيء لها وان كانت بحال سفه جاز ذلك لها لان مالكا قال الاب يحوز لابنه الكبير إذا كان سفيها ‏(‏سحنون‏)‏ ألا ترى أن الله تبارك وتعالى قال وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وبلوغ النكاح بالاحتلام والحيض فقد منعهم الله تعالى من أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم من الأوصياء وإنما الأوصياء بسبب الآباء‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقد قال ابن عباس أنه يتيم بعد البلوغ إذا كان سفيها وقال شريح اليتيمة تستشار في نفسها ولا تستشار في نفسها إلا بالغ وقد سماها شريح يتيمة وهي بالغة وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بقوله حجة من حديث بن وهب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة تستشار في نفسها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كانت سفيهة في عقلها أو في مالها وقد طمثت ودخلت على زوجها أو لم تطمث ودخلت على زوجها وقد كانت ولدت أولادا فتصدق الأب عليها بصدقة وأشهد لها وهي في بيت زوجها أيكون الأب هو الحائز عليها صدقتها في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال الأب يحوز لولده صدقة نفسه إذا كان الولد سفيها فهذه عندي وان كانت ذات زوج فإن الاب يحوز صدقة نفسه عليها في قول مالك لأن الزوج لا يقطع حيازة الأب عنها إذا تصدق الأب عليها بصدقة وإنما يقطع أن يكون الأب حائزا صدقته التي تصدق بها عليها إذا كانت هي التي تحوز لنفسها فإذا صارت في حال تحوز لنفسها فلا تجوز حيازة الأب عليها صدقة نفسه وهي ما دامت في بيت أبيها وإن كانت مرضية فالأب يحوز لها صدقة نفسه ولكن إذا دخلت في بيت زوجها وأنس منها الرشد فها هنا تنقطع حيازة الأب صدقة نفسه عليها لها فلا تحوز حتى تقبض‏.‏

قلت‏:‏ فإن وهب الأب لولده وهم صغار ثم أشهد لهم أهو الحائز في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن بلغوا فلم يقبضوا حين بلغوا هبتهم أو صدقتهم حتى مات الأب أيكون أولى بها في قول مالك وتكفيهم حيازة الأب لهم إذا كانوا صغارا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال لي مالك إذا بلغوا وأنس منهم الرشد فلم يقبضوا حتى مات الأب فلا شيء لهم‏؟‏

قال‏:‏ وأما ما داموا في حال السفه وان بلغوا فحوز أبيهم حوز لهم وكذلك قال لي مالك لأن السفيه وإن احتلم بمنزلة الصغير يحوز له أبوه أو وصيه‏.‏